ق
“قصة امرأة أساءت إلى حماتها وواجهت العاقبة: دروس في الوفاء والاحترام الأسري”
قصة فتاة مغرورة تعلمت دروس الحياة من حماتها
قبل ثلاثين عامًا، كنتُ فتاة شابة حديثة الزواج، مليئة بالحماس والأفكار المتحررة. كنت أتبنى شعارات تحرير المرأة، وأرى أن الزواج مجرد إجراء اجتماعي لا يتطلب مني تقديم أي تضحيات أو التزامات. لم أكن أعير اهتمامًا لمفهوم العائلة الممتدة أو فكرة التعايش مع الآخرين، وكنت واثقة من أنني سأعيش حياتي وفقًا لتطلعاتي الخاصة.
لكن بقدرة الله، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، واضطررت للعيش مع والدة زوجي، عمتي، حتى يتمكن زوجي من توفير سكن مستقل. كنت أظن أن العيش معها سيكون عابرًا وسهلًا، وأنني سأستطيع فرض آرائي وأفكاري بكل بساطة.
البداية: قسوة بلا رحمة
كانت تلك السنوات التي قضيتها مع حماتي من أقسى سنوات حياتها، لكنها لم تكن كذلك بالنسبة لي في البداية. لم أدرك حجم الألم الذي تسببت فيه، فقد كنت أنا السبب الرئيسي في معاناتها. استمعت لنصائح صديقاتي اللواتي حثثنني على “إظهار العين الحمراء” من البداية، فأخذت القرار بأن أفرض سيطرتي وأمارس سلطتي على بيتها، دون أن أعي عواقب ذلك.
قررت، بلا رحمة، أن أحصر تواجدها في حجرتها، فأهملت العناية بملابسها بوضعها في آخر الغسيل، ولم أكن أنظف حجرتها إلا مرةً في الشهر. لم ألتفت لحالتها الصحية، وكنت أهمل إعداد الطعام الذي يناسبها. ومع ذلك، كانت تستقبلني بابتسامة حزينة، تقضي يومها في حجرتها، تصلي وتقرأ القرآن، وتخرج فقط للوضوء أو لتأخذ صينية الطعام التي كنت أضعها لها بخشونة في الصالة
الصبر والتحمل
خلال تلك الفترة، كان زوجي منشغلًا بعمله، ولم يكن يدرك شيئًا عن تصرفاتي القاسية تجاه والدته، ولم تخبره هي بأي شيء. على العكس من ذلك، كانت كلما سألها عن أحوالها معي تجيبه بعبارة “الحمد لله”، رافضة أن تُثقل عليه بما تعانيه. لم تشتكِ أبدًا، بل استمرت بالدعاء لي بالهداية والسعادة، وكأنها ترى فيَّ الأمل، رغم كل ما أظهرته من قسوة وتجرد من الرحمة.
لكنني كنت غافلة تمامًا عن صبرها العجيب، وعمّا تحمّلته من معاملة سيئة في بيتها الذي كان يومًا بيتها الآمن. كنت أرى في صبرها ضعفًا، ولم أكن أعلم أن هذا الصبر هو قمة القوة والعطاء، وأنه سيدرس لي في المستقبل درسًا لا يُنسى.
.
لحظة الوداع والتوبة
وفي يومٍ من الأيام، اشتد المرض على حماتي، وشعرت هي بقرب الأجل. نادتني بينما كنت واقفة أمامها متململة، وقالت بصوت ضعيف: “لم أرد الإساءة لكِ، حفاظًا على استقرار بيت ابني، وأملاً في أن ينصلح حالك. كنت أتعمد أن أسمعك دعائي لك بالهداية، ولكن دون جدوى. الآن، أطلب منك أن تكفي عن قسوتك، على الأقل في أيامي الأخيرة، لعلّي أستطيع أن أسامحك.”
بعد كلماتها تلك، دخلت في غيبوبة الموت، تاركةً قلبي غارقًا في مشاعر الندم والمرارة. بكيتُ بحرقة، غمرت الدموع وجهي، وقبلتها مرات عديدة، ولكن لم تعد تشعر بدموعي أو تلمس حبي الذي استيقظ بعد فوات الأوان. رحلت قبل أن أتمكن من إظهار وجهي الآخر، وقبل أن أكفّر عن قسوتي وسوء معاملتي لها
القصاص في الدنيا
زوجي ظل يظن أنني كنت أخدمها بعيني، ولكن الحقيقة كانت أكثر مرارة. بعد فترة، كبر ابني وتزوج، ولمّا لم يستطع توفير سكن خاص، فدعوته للعيش معي في بيتي الفسيح، الذي أعيش فيه وحدي بعد وفاة أبيه. ومع مرور الوقت، أدارت زوجته عجلة الزمن، وعاملتني بنفس الطريقة التي كنت أعامل بها حماتي.
القبول والتساؤل
لم أتضجر، لأنني ببساطة أدركت أن هذا هو القصاص العادل والعقاب المعجل. تحملت بصبر، وكنت أدعو الله أن يغفر لي، وأن يكفيني شر جحيم الآخرة، مقابل الجحيم الذي أعيشه في الدنيا مع زوجة ابني.
وفي كل ليلة، يؤرقني سؤال واحد: هل سامحتني عمتي الراحلة؟ أم أنها علقت هذا السماح على تغيير معاملتي لها، ذلك التغيير الذي لم يمهلني الله لتحقيقه؟
العبرة المستفادة: القدر يدور ويعيد دروسه، وما نزرعه اليوم نحصد ثماره غدًا، ففي النهاية، اللطف والرحمة يُكافآن دائمًا، ولو بعد حين.
خاتمة
من خلال هذه التجربة، أدركت أن ما نفعله اليوم سيؤثر على مستقبلنا. يجب أن نكون أناسًا طيبين ومتسامحين، لأن الحياة تعيد لنا ما نزرعه فيها.