80 / 100 نتيجة تحسين محركات البحث

رواية الاخ المفقود في مدينة الظل الجزء الاول1

كانت السماء فوق المدينة القديمة سوداء قاتمة، كما لو أن الليل أسدل ستاره قبل أوانه، تاركًا القلوب تتجمد من مجرد النظر. المطر يتساقط بهدوء، قطراته الصغيرة تضرب الأرض الحجرية في الشوارع الضيقة، لتصدر أصواتًا متقطعة، أشبه بنقرات أصابع مجهولة تحذر من الاقتراب.

ياسر محمد توقف عند مدخل أحد الأزقة، شعر بالبرد يلسع رقبته، لكنه حاول أن يخفي ارتعاشه خلف ابتسامة مريرة وسخرية هادئة: “ربما أخي ذهب للتنزه، نعم… ولأنه أخي، فقد قرر أن يختفي في مدينة أشباح.”

خطا بخطوات حذرة، صوت أقدامه يتردد بين جدران الأبنية القديمة، ويختلط بصوت المطر ليخلق لحنًا غريبًا، كأنه إعلان عن شيء سيئ على وشك الحدوث. جدران المباني متشققة، ومغطاة بالغبار، وهناك رموز غريبة مرسومة بالطبشور والفحم، بعضٌ منها أشبه برسائل مشفرة، وبعضها يترك شعورًا غريبًا بالتهديد، كأنها تنظر مباشرة إلى روحه.

كل خطوة يخطوها كانت تزيد من شعوره بأنه ليس وحده. الهواء البارد يحمل معه رائحة العفن والكتل الرطبة من الجدران القديمة، وياسر يشعر كما لو أن المدينة نفسها تتنفس، كل زقاق ينطق برعب قديم. انعطف إلى شارع أصغر، وكلما اقترب، بدت أصوات المطر وكأنها تتخللها خريرات أخرى، أصوات مكتومة تأتي من الظلال.

لم يكن يستطيع أن يرى أي شخص، لكن شعور المراقبة كان حقيقيًا. فجأة، لمح حركة عند زاوية الشارع: ظل غامض يمر بسرعة، بلا شكل محدد، اختفى قبل أن يتمكن من تحديد ملامحه. توقف ياسر فجأة، لسانه يلعق شفتاه، وسخرية باردة خرجت منه: “حسنًا… هذه المدينة بالفعل تلعب معنا.”

: السكان الغريبون

: السكان الغريبون

بدأ ياسر يسير ببطء، يحاول البحث عن أي علامة لأخيه المفقود. مر بأول سكان المدينة: رجل مسن يقف عند نافذة مهترئة، يحدق فيه بصمت، لا يبتسم، ونظراته تحمل رسالة غريبة لا يفهمها. امرأة تمشي بخطوات متثاقلة على الرصيف، ويدها تغطي فمها كما لو كانت تحاول منع نفسها من الصراخ.

كل شخص قابله كان يبدو طبيعيًا للوهلة الأولى، لكن شيئًا غريبًا يحيط بهم، كأنهم جميعًا يحملون سر المدينة المظلم، شيء لا يُقال بصوت، شيء يختبئ في الظلال.

ا رموز على الجدران

وصل إلى زقاق أضيق، حيث كانت الجدران مغطاة بالرموز أكثر كثافة. بعضها أشبه بالكتابات القديمة، وبعضها خطوط ملتوية، وكأنها محاولة لتوصيل رسالة من عالم آخر.

جلس على سلم حجري خارج أحد المنازل المهجورة، وأخرج صورة أخيه المفقود من جيبه. نظر إليها طويلاً، ثم ابتسم بسخرية مريرة: “ربما كل هذه المدينة لا تحتوي إلا على ظلال، وأنا الآن أحدهم.”

عندما نظر حوله، لمح مرآة مكسورة على الحائط، عكسته كانت واضحة، لكنه لم يكن وحده في الانعكاس. خلفه، كان هناك شيء، شكل قاتم، يتحرك بخفة، لكنه اختفى بمجرد أن لمح ياسر بعينه المباشرة.

أصوات غريبة وخوف متزايد

بدأت أصوات غير مفهومة تقترب من حوله: خطوات، همسات، صرير أبواب، وكل شيء يبدو حيًا بطريقة مخيفة. المطر أصبح أثقل، وكأنه يزيد من حدة الصوت، ومن الرعب الذي يحيط بالمدينة.

ياسر شعر بعنف في قلبه، لكنه حاول أن يظل عقلانيًا. قال لنفسه بصوت خافت: “هذا مجرد وهم… نعم مجرد وهم، لا يوجد شيء خارق.” لكنه لم يصدق كلماته.

في لحظة قصيرة، اختفت كل الأصوات فجأة، تاركة صمتًا ثقيلًا، صمتًا جعل قلبه يرتجف أكثر من المطر والغموض نفسه.

: الظل الغامض يظهر

في نهاية الزقاق، لمح الظل مرة أخرى. هذه المرة كان أطول، أكثر وضوحًا، يراقب كل خطوة ياسر بلا رحمة. كل عضلة في جسده تجمدت. حاول ياسر التحرك، لكنه شعر بأن الأرضية أصبحت غير مستقرة تحت قدميه، كما لو أن المبنى نفسه يرفض أن يغادره.

ظل يختفي فجأة، تاركًا فراغًا مملوءًا بالتوتر، شعور بالخطر النفسي يملأ المكان. ياسر شعر أن المدينة تتغير حوله، كل زقاق وكل نافذة كانت تحمل أسرارًا لم تُكشف بعد، وكل خطوة تقوده إلى عالمٍ لا يعرفه ولا يستطيع الهروب منه.

المشهد السابع: بداية الرعب النفسي الداخلي

جلس على الدرج مرة أخرى، يحاول جمع نفسه، لكنه شعر بشيء يضغط على عقله، كأن أفكاره تتسلسل بشكل غير طبيعي. كل خطوة، كل صوت، كل ظل أصبح له معنى مزدوج: الخطر والحقيقة في آن واحد.

قال لنفسه مرة أخرى: “ربما أخي هنا… وربما الظل الذي أراه هو أنا في المستقبل.”

الليل أصبح أكثر عمقًا، المطر أصبح أشد، والمدينة القديمة، بأزقتها الضيقة وظلالها، بدأت تحاصر ياسر داخليًا وخارجيًا، تاركة شعورًا بالخوف المستمر والغموض، شعور سيظل يطارده حتى نهاية رحلته. قراءة المزيد

اذا تحب القصص التاريخية او الدينيه اضغط هنا

80 / 100 نتيجة تحسين محركات البحث
Shares:
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *