تلخيص كتاب “أحببت وغدًا
يصف الكاتب مشهدًا مألوفًا: مجموعة من الشباب والفتيات، مختلفون في كل شيء، لكنهم يجتمعون في شيء واحد—البحث عن السلام الداخلي الذي سُرق منهم في رحلة الحب. مرّوا بكل المراحل: التمني، الانتظار، الحيرة، الأمل، الخذلان… ثم العودة بعد الرحيل، وهكذا في دوامة لا تنتهي حتى يكتشفوا أنهم لم يعودوا كما كانوا، عالقين في المنتصف، لا يجدون راحة في القرب ولا قدرة على الابتعاد.
.
هذه الديناميكية ليست وليدة اليوم، بل جذورها ضاربة في الأسطورة اليونانية التي استُوحي منها مصطلح “النرجسية”.
أسطورة نرسيس وإيكو: حين يقتل الحب صاحبه
كان نرسيس شابًا آسر الجمال، يعرف ذلك جيدًا، حتى بلغ به الغرور حد الاحتقار لكل من أحبه. رفض الجميع، وأبقى نفسه في برج عاجي، يراه الآخرون كمصدر للإعجاب لكنه لا يرى أحدًا غيره. كانت إيكو، الفتاة الرقيقة، واحدة من ضحاياه، أحبته بصمت، تعلقت به رغم يقينها أنه لن يلتفت إليها. فسّرت كل إشارة منه كأنها دعوة، حتى اصطدمت بالواقع، وماتت حسرة عند البحيرة التي كان يرتادها.
لكن القدر لا يترك الأشياء بلا عدالة… استدرجته الآلهة إلى ماء صافٍ، وهناك رأى انعكاس صورته لأول مرة، فوقع في غرام ذاته! ظل متأملًا لصورته حتى نحل جسده، وذبل بجوار البحيرة، ليبزغ مكانه زهرة النرجس رمزًا لهذه الأسطورة الخالدة.
الإسقاط النفسي: هل أنت ضحية نرجسي؟
يستعين الدكتور عماد بهذه الأسطورة لتفسير الشخصية النرجسية، فهو يرى أن النرجسي لا يبحث عن شريك، بل عن مرآة تعكس بريقه، شخص يكون مجرد صدى لصوته، بلا هوية حقيقية. أما إيكو، التي رفضت حب الرجل الحقيقي وتمسكت بالنرجسي، فهي رمز للضحية التي تنجذب للوهم والكلام المعسول.
لكن الحياة، كعادتها، تدور في فلك العدالة… فمثلما خدع النرجسي غيره، سينخدع بنفسه في النهاية، تمامًا كما حدث مع نرسيس.
كيف تتعرف على النرجسي؟
يعدد الكاتب بعض الصفات التي تميز الشخصية النرجسية، فبينما قد تبدو بعضها طبيعية، فإنها إذا زادت عن حدها تحولت إلى اضطراب:
- الغرور المفرط: غارق في أحلام غير منطقية، لا يرى أحدًا غير نفسه.
- دور الضحية: يؤمن بأن الكون كله ضده، ويبرر استغلاله للآخرين بكونه “الأذكى”.
- حب المديح: يعشق المديح، لكنه لا يتحمل أي نقد.
- السخرية المستمرة: يسخر من الآخرين باستمرار، وعندما يُواجَه بذلك، يدعي أنه كان يمزح.
- الازدواجية في المعاملة: ودود مع من يحتاج إليه، قاسٍ مع من لا فائدة له منه.
- الصدمة الكبيرة: لا يدرك حقيقته إلا بعد فقدان شخص عزيز أو أزمة مالية أو مرض خطير.
هل كل نرجسي شرير؟
يرى الكاتب أن كثيرًا من النرجسيين حققوا إنجازات كبيرة بسبب سعيهم المحموم للخلود، وهنا يختلف معه البعض، فليس كل من يسعى لترك أثر هو نرجسي، بل المشكلة تكمن في استغلال الآخرين عاطفيًا واجتماعيًا لتحقيق المصالح الشخصية.
كيف تتكون الشخصية النرجسية؟
يحمل الدكتور عماد الأسرة جزءًا كبيرًا من المسؤولية، فالتربية التي تربط الحب بالإنجاز، والمقارنات المستمرة بين الطفل وأقرانه، تدفعه إلى كره ذاته الحقيقية، والسعي لتقمص “شخصية مثالية” ليشعر بالقبول.
هل وقعت في حب نرجسي؟
إن كنت تتكرر العودة رغم الألم، فقد يكون الوقت قد حان للخروج من هذه الدوامة، واستعادة نفسك من جديد.
لماذا نحتاج إلى الحب؟
يجيب الكاتب بأن الحب يمنحنا الأمل، ويشعرنا بأننا مرئيون، محبوبون، ونستحق الاهتمام. لكن لماذا يعتقد البعض أن الحب تضحية دائمة؟ ولماذا لا يكون الحب مساحة من السعادة المتبادلة؟
كيف تتجنب العلاقات السامة؟
الأفلام والمسلسلات رسمت لنا صورة الحبيب أو البطل الذي يضحي بكل شيء من أجل الآخر، مما جعلنا نرغب في تكرار هذا النموذج، فنقع في فخ العلاقات المؤذية. هذا لا يقتصر على النساء فقط، بل ينطبق على الرجال أيضًا، خصوصًا من يحملون أحلامًا رومانسية ويؤمنون بفكرة “توأم الروح” أو “النصف الآخر”.
كيف أتعافى من العلاقة المؤذية؟
تستند الدكتورة إليزابيث روس إلى نموذج مكوّن من خمس مراحل للتعافي من العلاقات السامة:
- الإنكار: يرفض الشخص تصديق أن العلاقة انتهت.
- الغضب: بعد الانفصال، نشعر بالغضب من أنفسنا.
- المساومة: يبدأ الشخص في تبرير العودة للعلاقة.
- الاكتئاب: يشعر الشخص بأن الحب غير موجود.
- القبول: يدرك الشخص الحقيقة، ويتعلم من التجربة.
نصيحة أخيرة
لا تعزل نفسك. شارك تجربتك مع شخص داعم، صديق أو قريب، وتذكر أن التعافي لا يعني التوقف عن الحياة، بل العودة إليها بروح جديدة.
العلاقات السامة قد تجرحنا، لكنها لا تحدد مصيرنا. الأهم هو أن نتعلم كيف نحمي أنفسنا، ونبني ثقة لا تهتز أمام أي شخص مؤذٍ.